| 0 التعليقات ]

” الساخر كوم ”

عجيبةٌ هي النفس .. غريبةٌ هي المشاعر .. من أمرِ ربي هي الروح !!
هذه النفسُ أمرُها عجب ، وانطباعاتها أعجب ، وقراراتها أعجب وأعجب !
قرأت قبل فترة في إحدى الصحف عن طالبِ ” طب ” ، قد أحب فتاةً في ” النت ” دون أن يراها أو حتى يسمع صوتها !! حباً قد شغف قلبه ، وتملك فؤاده ، وعطل انسجامه مع المجتمع والدراسة ! وظل على هذه الحالة من التدني المعرفي ، والتهاك العاطفي ، قرابة سبعة أشهر ! حتى جاءهُ مفتاحُ الفرج ، وهلَّ على صدأ قلبه قطرُ الندى ، حين ألقت عليه الحبيبةُ -” النتية” – أعطافَ قبولها ، واستسلامَ إرادتها ، وانكسارَ تمنعها ، فقررت : لقـاءه !
وذهب مخمورُ الفؤاد إلى الموعد ، متأنقَ الهندام ، فوّاحَ العطر ، زاكيَ المشاعر ، مضطربَ الوجدان ، ليرى الملهمةَ الساحرةَ ، واللبقةَ الفاتنةَ ، والأنيسةَ المتحدثةَ ، والتي بثت سُمَها اللذيذَ في جسدهِ حتى وصل إلى شغافِ قلبه ، وسويداءِ فؤاده !
وفيما هو ينتظر تباشيرَ اللقاء ، وأُلقَ الوصال ، ونهايةَ العناء ، إذا بـ ” الحبيبة ” تأتيه وتحييه باسمه ، فيلتفتُ طائشَ الروع ، خفاقَ الفؤاد ، ملهوفَ الأحشاء ، وإذا هو بشاربٍ يقف عليه الصقر g* ، وخشونةٍ يتأففُ منها الصخر f* !!
نعم .. كـان فتىً عابثاً .. وإن كنت لا أدري أيهما أشد عبثاً من صاحبه ؟!
قرأت هذه القصة ، وتشققت شفتاي بابتسامةٍ قراءتُها : الحمد لله على نعمة العقل !
وانصرفتُ بعدها إلى ما يهمني ، غير مكترثٍ ولا مُتشاغل ، ولكن طبيعةَ نفسي في تقليب الأمور من وجوه عدةٍ غلبتني ! وسألتني وهي غضبى قائلةً : ومالذي يحول في أن يحب الإنسان حرفاً ؟!
أليس بشارٌ-الأعمى – قد قال ذات خمرةِ مشاعر : –
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقةٌ *** والأذن تعشق قبل العين أحيانا !!
فكيف والرسول بين ذاك الفتى وتلك – ذاك – ” الفتاة ” حروف تحتها مشاعر ، وكلماتٌ رسولها قلب؟!
ثم ويا ” ممتعض ” – هكذا تحدثني نفسي – أليست ” مي زيادة ” قد تساقت الهوى ، وتماجنت الشعور ، من خلال الرسائل الخطية التي كانت بينها وبين ” جبران خليل جبران ” ، وهو في أمريكا لم يرها ولم تره !!
ثم وتعال يا صلد الإحساس – نفسي ما زالت تعنفني :j: – أليس قد أنذر ” بن الفارض ” أمثالك من خوالي القلب ، وبلداءِ الحياة ، بقوله :
دع عنك تعنيفي وذق طعم الهوى *** فإذا عشقت فبعد ذلك عنِّفِ !
ثم يا جاف اللذاذة – ما زالت تُوبخني :j: – أفلم تستشعر – ولا أظنك :confused: – قولَ المجنون عن قلبه الشجي الشقي حين قال :
أليس وعدتني يا قلب أني *** إذا ما تبت عن ليلى تتوبُ
فها أنا تائبٌ عن حب ليلى *** فمالك كلما ذُكرت تذوبُ
ومحد ( ن ) يحب اللي يبي ، قالها شاعركم !
وسبق شاعرَكم في وصفِ عمى القلب ” بن شهيد الأندلسي ” والذي وصف حبيباً لا يُحب بقوله :
مرضُ(1) العيونِ ولثغةٌ في المنطق *** شيئان جرا عشقَ من لم يعشَقِ !وتذكر – برّد الله قلبك بماء حياة – قول الشاعر المغصوب على قلبه حين قال :
لو كان لي قلبان عشتُ بواحدٍ *** وتركتُ قلباً في هواك يُعذَّبُ !
ثم وهاهو ” هتلر” النازي يقول وهو الباطش الفاتك : لا كرامة في الحب ولا في الحرب !
وقبله قال الفارس الأمير ” أبو فراس الحمداني ” :
فليتك تحلو والحياة مريرةٌ *** وليتك ترضى والأنام غضابُ
وليت الذي بيني وبينك عامرٌ *** وبيني وبين العالمينَ خرابُ
إذا صحَّ منك الودُ فالكلُ هينُ *** وكل الذي فوق التراب ترابُ
فلم السخرية – يا رعاك الله – والقلوب متقلبة ، والنفوس معقدة ، فإن كان قلبكَ قاسياً فغيرك رهيفُ الفؤاد ، رقراقُ الشعور ، طيبُ المؤانسة !
وما زالت نفسي تضربُ لي الأمثلةَ ، وتُعَدِد لي الإمكانيةَ ، وتُبَرِرُ لي الحدَث ! حتى ودعتني كـتوديع ” فيصل القاسم ” لمشاهديه لا يدرون : أحقٌ ما قيل أم باطلُ؟!
وتحولت ابتسامة : ” الحمد لله على نعمة العقل ” ، إلى تكشيرة حزن تقول ” وارحمتا لذلك الشاب البائس الرقيق ” !
والآن .. قلب ذلك الشاب بين أيديكم ..فهل ترون أن نُسكِنه كهف : ” يا قوم أذني ” ؟!
أم أنكم ترون أن نُسكنه مستشفى : ” الحمد لله على نعمة العقل ” غرفة رقم 10 ؟!!
أفتوني في مشاعري إن كنتم للمشاعر تعبرون !!
ممتعض .
=============================
1 / بطبيعة الحال أن ” بن شهيد ” قد عنى بـ ” مرض العيون ” فتورهما ونعوستهما ، لا مرضاً بمعنى المرض ..ولكن اللثغة هذه التي شغلت بالي :cd: .. وللناس فيما يعشقون مذاهبُ !

ممتعض

Archived By: Crazy SEO .

0 التعليقات

إرسال تعليق